تقنية

أبل

تلوح في الأفق حالة من الغموض بشأن أسعار واحد من أشهر الأجهزة الذكية في العالم اليوم: هاتف آيفون.

ففي ظل تصاعد الحرب التجارية بين الإدارة الأميركية الحالية وعدد من شركائها التجاريين الرئيسيين، مثل الصين وفيتنام والهند، ومع المستجدات المتسارعة التي تظهر على مدار الساعة، تبقى التساؤلات قائمة حول ما إذا كانت أسعار هواتف “أبل” ستشهد ارتفاعًا مفاجئًا في أي لحظة.

وقد فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية مرتفعة على الواردات من هذه الدول، بلغت 124% على الصين، و46% على فيتنام، و27% على الهند. وتشمل هذه الرسوم – من باب الصدفة أو لا – هواتف آيفون، التي تُجمّع في تلك الدول قبل أن تُصدَّر إلى السوق الأميركية.

وبحسب تقرير نشره موقع “PhoneArena”، فإن هذا الوضع قد يُترجم قريبًا إلى زيادة ملحوظة في سعر آيفون يدفعها المستهلك الأميركي من جيبه.

رسوم جمركية جديدة قد ترفع أسعار أجهزة آيفون المجمّعة في الصين بنسبة كبيرة

تواجه أجهزة آيفون المجمّعة في الصين احتمال فرض رسوم جمركية أعلى، ما قد ينعكس بشكل مباشر على أسعارها. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من أجهزة آيفون لا تزال تُصنّع في الصين، إلا أن هذا التغيير قد يُحدث تأثيرًا كبيرًا في السوق.

ووفقًا لتقارير صادرة مؤخرًا عن UBS Investment Research، قد تشهد أسعار أجهزة آيفون المُنتجة في الصين ارتفاعًا لا يقل عن 29%. وبناءً على هذه التقديرات، فإن سعر الإصدار الأساسي من iPhone 16 Pro Max قد يبدأ من 1,549 دولارًا، مقارنةً بسعره الحالي البالغ 1,199 دولارًا.

في المقابل، فإن الأجهزة المُجمّعة في الهند قد تتأثر بنسبة أقل، إذ يُتوقع أن ترتفع أسعارها بنحو 12% فقط. على سبيل المثال، قد يرتفع سعر iPhone 16 Pro من 999 دولارًا إلى 1,119 دولارًا، وهو سعر يُعد أكثر قبولًا لدى المستهلكين.

رغم هذه البدائل، تبقى الصين المركز الرئيسي لتجميع معظم أجهزة آيفون، ما يجعل التأثير المحتمل على “أبل” كبيرًا. فهذه الرسوم الجديدة قد تُشكّل ضربة قوية لأرباح الشركة، وتُنهي سياستها المعتادة في الحفاظ على أسعار مستقرة لهواتف آيفون عبر الأجيال.

لطالما التزمت “أبل” باستيعاب تقلبات الضرائب الجمركية والتضخم دون عكسها على أسعار منتجاتها، ما حافظ على ثبات أسعار آيفون خلال السنوات الخمس الماضية. الاستثناء الوحيد كان مع iPhone 15 Pro Max الذي ارتفع سعره بمقدار 100 دولار، لكنه جاء مع مضاعفة سعة التخزين في النسخة الأساسية.

مع ذلك، فإن الزيادة المتوقعة في الرسوم الجمركية قد تُجبر “أبل” على تغيير نهجها، ويبدو من غير المرجح أن تتحمل الشركة هذه التكاليف الإضافية وحدها. وبالتالي، قد يتم نقل العبء إلى المستهلكين في نهاية المطاف.

إليكم مقارنة بين أسعار آيفون الحالية، والتقديرات المحتملة للأسعار بعد تطبيق رسوم جمركية بنسبة 29%:

(يمكنك إدراج جدول هنا لمقارنة الأسعار بين النسخ الحالية والمعدّلة)

كيفية تطبيق تعريفات الهواتف الذكية

على عكس العديد من السلع والبضائع الأخرى، تُدرج الهواتف الذكية ضمن الرمز 8517.13.0000 في جدول التعريفة الجمركية الأميركية، وهو تصنيف يشمل الهواتف الذكية والأجهزة الذكية المماثلة مثل الأجهزة اللوحية، الساعات الذكية، وأجهزة الكمبيوتر.

بموجب هذا التصنيف، تُعامل الهواتف كمنتجات نهائية متكاملة عند فرض الضرائب، ولا يتم تقييمها بناءً على مكوناتها الفردية.

على سبيل المثال، بخلاف بعض المنتجات مثل الساعات أو قطع غيار السيارات التي قد تخضع كل قطعة فيها لتعريفة جمركية مختلفة، يُعامل الهاتف المستورد كوحدة واحدة لدى الجمارك.

لذلك، عند استيراد هاتف آيفون، تُفرض الرسوم الجمركية بناءً على بلد التجميع النهائي، دون النظر إلى الدول التي جاءت منها الأجزاء، مثل المعالج أو الشاشة أو البطارية.

وبالتالي، حتى لو كانت جميع مكونات الجهاز قد صُنعت في الولايات المتحدة وتم إرسالها إلى الصين للتجميع فقط، يُصنَّف الجهاز النهائي كمنتج صيني المنشأ وتُطبَّق عليه الرسوم الجمركية المقررة لهذا البلد.

هل تستطيع شركة أبل نقل الإنتاج إلى أميركا؟

رغم تصريحات الرئيس ترامب التي توحي بأن شركة “أبل” قد تعيد تصنيع هواتفها إلى الولايات المتحدة، فإن الواقع أكثر تعقيدًا مما يبدو.

فعلى مدار سنوات، أكّد كلٌ من المؤسس الشريك لـ”أبل” ستيف جوبز، والرئيس التنفيذي الحالي تيم كوك، أن تصنيع هواتف آيفون داخل الولايات المتحدة ليس خيارًا عمليًا. السبب؟ نقص الكفاءات الفنية المؤهلة، على عكس الصين التي تحولت من مجرد مركز لتجميع منخفض التكلفة إلى قوة صناعية متقدمة تضم كفاءات فنية على مستوى عالٍ.

تيم كوك قالها بوضوح خلال مشاركته في منتدى “فورتشن العالمي” عام 2017: “السبب في وجودنا بالصين ليس رخص العمالة، بل وجود المهارات المناسبة هناك، وبكميات كبيرة”. وأضاف أن مستوى الدقة والتقنيات المطلوبة في تصنيع منتجات “أبل” يتطلب مهارات متقدمة للغاية في الأدوات والتصنيع، وهي ببساطة غير متوفرة بنفس الكفاءة في الولايات المتحدة.

ولتبسيط الصورة، أوضح كوك أن اجتماعًا لمهندسي الأدوات في أميركا قد لا يملأ حتى قاعة صغيرة، بينما في الصين يمكن ملء ملعب كامل.

بجانب التحديات الفنية، هناك عقبة كبيرة أخرى: **تكلفة التصنيع**. بحسب دان آيفز، محلل التكنولوجيا في شركة “ويدبوش”، فإن تكلفة تصنيع هاتف iPhone Pro في أميركا قد تصل إلى 3500 دولار، أي ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف سعره الحالي البالغ 999 دولار. السبب الأساسي هو ارتفاع تكاليف العمالة مقارنةً بالصين أو فيتنام أو الهند.

وأشار آيفز إلى أن مجرد القول بإمكانية نقل التصنيع إلى أميركا يُعد تبسيطًا مفرطًا لتشابك سلاسل التوريد الآسيوية وتعقيدها، وهي التي تطورت على مدى عقود لخدمة الأسواق العالمية.

في المقابل، تفكر “أبل” في تنويع سلاسل التوريد لتقليل تأثير الرسوم الجمركية المحتملة. من أبرز هذه الخطوات، نقل جزء من عملياتها إلى الهند لتقليل اعتمادها على الصين.

لكن، ماذا عن الأسعار؟ هل سترتفع بسبب الرسوم الجمركية؟ وإن ارتفعت، هل ستنخفض لاحقًا إن تم التراجع عن الرسوم؟

حتى الآن، لم تصدر “أبل” أي إعلان رسمي بشأن تعديل الأسعار استجابةً للتغيرات الاقتصادية، ولم تُحدث أسعار أجهزتها على موقعها. وإذا قررت “أبل” تمرير تكاليف الرسوم على المستهلكين، فقد نشهد ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، دون ضمانات بانخفاضها مستقبلاً حتى لو تغيرت الظروف، أو حتى تغيّرت الإدارة الأميركية في عام 2029.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى