تقنية

Grok 3

خلال الأسبوع الماضي، أطلق إيلون ماسك الجيل الأحدث من نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي طورته شركته xAI، وهو نموذج (Grok 3)، مدعيًا تفوقه الكبير على الإصدارات السابقة وعلى كافة نماذج الذكاء الاصطناعي المنافسة.

وقد وضع ماسك هذا النموذج في مواجهة مباشرة مع أبرز نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل (GPT-4) من OpenAI، وكذلك نماذج جوجل وميتا وDeepMind وAnthropic، مدعيًا أن اختبارات داخلية مبكرة أثبتت تفوقه في مجالات الرياضيات والعلوم والبرمجة.

وفي البث المباشر لحدث الإطلاق عبر منصة إكس، أبدى ماسك حماسه للتطور السريع لنموذج (Grok 3)، مؤكدًا أن التحسينات على النموذج مستمرة يوميًا، وهو ما يثير تساؤلات حول تأثيره المحتمل في المستقبل.

ورغم الحماس الذي أبداه ماسك، فإن ردود فعل الباحثين والخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي لم تكن متجانسة، إذ اختلفت الآراء حول صحة هذه الادعاءات، مما يفتح المجال للعديد من التساؤلات: هل يرتقي نموذج (Grok 3) إلى مستوى التوقعات؟ وهل يمكن أن يشكل فعلاً قفزة نوعية في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

في هذا المقال، سنقدم تحليلًا مفصلاً لنموذج (Grok 3)، حيث سنتناول ادعاءات إيلون ماسك حوله، ونقارنها بردود فعل الخبراء، كما سنستعرض الإمكانات والتحديات التي قد يواجهها هذا النموذج الجديد.

أولًا، ما هي قدرات ومزايا نموذج (Grok 3)؟

يعد نموذج (Grok 3) جزءًا من عائلة النماذج اللغوية الكبيرة ونماذج الاستدلال المتطورة، كما أعلنته شركة (xAI). ومع ذلك، تظل بعض التفاصيل الدقيقة المتعلقة بحجمه وبنيته وآليات تدريبه غير معلنة حتى الآن.

يعتبر (Grok 3) نموذجًا لغويًا متعدد الأغراض تم تصميمه خصيصًا للتنافس مع النماذج الرائدة في السوق مثل GPT-4 وClaude 3.5 Sonnet وGemini 2.0. يتميز هذا النموذج بقدرته على أداء مجموعة واسعة من المهام، بما في ذلك إنشاء نصوص بعدة لغات، مثل العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى معالجة النصوص بطرق متنوعة مثل تلخيصها، إعادة صياغتها، توليد الصور، وكتابة التعليمات البرمجية.

في خطوة تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي بشكل سلس في تجربة المستخدم، أضافت منصة إكس زرًا مخصصًا لروبوت (Grok) مباشرة داخل مربع كتابة المنشورات. يظهر هذا الزر للمستخدمين سواء كانوا يكتبون منشورًا نصيًا عاديًا أو يحضرون منشورًا يحتوي على صور مرفقة، مما يتيح لهم الاستفادة المباشرة والسلسة من إمكانيات النموذج أثناء إنشاء المحتوى.

يتوفر (Grok 3) بنسختين: النسخة الكاملة، وإصدار (Grok 3 mini)، مما يوفر للمستخدمين حرية اختيار الحجم الأنسب لاحتياجاتهم، تمامًا كما تقدم شركات مثل جوجل، و OpenAI، و Anthropic نماذج مشابهة.

أما (Grok-3 Reasoning Beta)، فهو الإصدار المتخصص في الاستدلال من هذه العائلة، ويشابه نماذج أخرى مثل: OpenAI o3، و DeepSeek-R1، و Gemini 2.0 Flash Thinking. يعتمد هذا النموذج على تقنية التعلم التعزيزي (RL) بنطاق متقدم، بهدف تعزيز استراتيجيات حل المشكلات، وتصحيح الأخطاء من خلال التتبع، وتبسيط الخطوات، بالإضافة إلى الاستفادة المثلى من المعرفة المكتسبة خلال مرحلة التدريب.

لقد تم تزويد هذا النموذج بقدرات تتيح له التعامل مع المسائل المعقدة بأسلوب مشابه للطريقة التي يعتمدها الإنسان. حيث يستغرق وقتًا يتراوح بين بضع ثوانٍ إلى عدة دقائق للتفكير في الحل، تمامًا كما يفعل الإنسان عند مواجهة مشكلة معقدة. وخلال هذه الفترة، يقوم النموذج بتقييم حلول متعددة، والتحقق من صحة الحلول المقترحة، وتقييم مدى توافقها مع متطلبات المشكلة بدقة.

1- وضع التفكير (Think):

يُفعّل هذا الوضع قدرة النموذج على الاستدلال المنطقي، مما يُمكّنه من تقسيم المشكلات إلى خطوات أصغر تُعرف بالأفكار. ومعظم هذه الأفكار تكون مرئية للمستخدم، مما يتيح شفافية في عملية التفكير المتبعة.

ومع ذلك، أشار ماسك إلى أن بعض هذه الأفكار قد تكون محجوبة لتفادي استغلال النماذج الأخرى لها أو استخلاص المعلومات منها، وهي تقنية تُسمى “التقطير” (Distillation)، والتي يستخدمها مطورو الذكاء الاصطناعي لاستخراج المعرفة من نماذج أخرى لتدريب نماذجهم.

هذا الوضع يعتمد على Grok 3 Mini، وهي نسخة مصممة لتكون أقل استهلاكًا للموارد، مما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب استجابة سريعة وكفاءة في استهلاك الموارد، مثل حل الاستعلامات البسيطة في مجالات مثل الرياضيات، العلوم، والبرمجة.

2- وضع (Big Brain):

يشبه هذا الوضع وضع (Think) في تفعيل قدرات الاستدلال، لكنه يستخدم النسخة الكاملة من **Grok 3**، مما يُمكّنه من التعامل مع الاستعلامات الأكثر تعقيدًا.

ومع ذلك، تأتي هذه القوة الإضافية بتكلفة زمنية، حيث يستغرق النموذج وقتًا أطول لمعالجة المدخلات في هذا الوضع. ولكن هذا التأخير يُعد استثمارًا ضروريًا للحصول على استجابات أكثر دقة وتفصيلًا.

لذلك، يُعدّ وضع (Big Brain) مثاليًا للمجالات التي تتطلب تفكيرًا منطقيًا معقدًا وتحليلًا عميقًا، مثل البحث العلمي، مهام الذكاء الاصطناعي متعددة الطبقات، وحل المشكلات المعقدة. في هذه المجالات، قد لا يكون الاستدلال العادي كافيًا، مما يجعل هذا الوضع أداة قيمة للباحثين والعلماء والمهندسين لحل التحديات الصعبة.

3- وضع (DeepSearch):

يوفر وضع (DeepSearch) للنموذج إمكانية الاتصال المباشر بالإنترنت، مما يتيح له تصفح الويب والتحقق من مصادر المعلومات، وتوليف البيانات لحظيًا قبل تقديم الإجابة النهائية.

بذلك، لا يقتصر معرفة النموذج على المعلومات التي تم تدريبه عليها فقط، بل يمكنه الوصول إلى أحدث البيانات والمعلومات المتاحة عبر الإنترنت، مما يجعله مثاليًا للمهام التي تتطلب معلومات محدثة ودقيقة، مثل جمع الأخبار، تتبع الأسواق المالية، والتحقق من الحقائق.

ويمكن اعتبار وضع (DeepSearch) بمثابة محرك بحث مدعوم بالذكاء الاصطناعي، وهو خطوة نحو تطوير وكلاء ذكاء اصطناعي قادرين على التفكير وإتمام المهام المعقدة مثل البشر، وفقًا لشركة (XAI).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى