تقنية

هواوي

تواصل شركة “هواوي” تعزيز وجودها في سباق تطوير شرائح الذكاء الاصطناعي داخل الصين، حيث تظهر المؤشرات أن جهودها المتواصلة واستثماراتها الضخمة في هذا المجال ستؤتي ثمارها بشكل ملحوظ خلال السنوات القادمة. ويبدو أن الشركة الصينية تسعى ليس فقط للحفاظ على موقعها في سوق التكنولوجيا المحلي، بل ولتوسيع نطاق نفوذها بشكل يجعلها منافسًا رئيسيًا على مستوى عالمي في قطاع رقائق الذكاء الاصطناعي، وهو القطاع الذي يشهد نموًا متسارعًا على خلفية الطلب المتزايد على الحوسبة الذكية وتطبيقات التعلم الآلي.

هواوي
هواوي

وأشار تقرير حديث صادر عن شركة الأبحاث المالية “Bernstein Research” إلى أن “هواوي” قد تستحوذ على حوالي 50% من سوق شرائح الذكاء الاصطناعي في الصين بحلول عام 2026، ما يجعلها اللاعب الأكبر في هذا القطاع الحيوي. ويُعزى هذا النمو المتوقع إلى القدرة الكبيرة للشركة على تطوير تقنيات متقدمة محليًا، إضافة إلى دعمها لبرامج البحث والتطوير التي تركز على تحسين الأداء والكفاءة في الرقائق المخصصة للذكاء الاصطناعي، سواء في مراكز البيانات أو في أجهزة الحوسبة المتقدمة الأخرى.

وحسب التقرير نفسه، تمتلك شركة “إنفيديا”، العملاقة الأمريكية في تصنيع الرقائق، حوالي 39% من السوق الصينية في الوقت الحالي، وهي نسبة تعكس الهيمنة العالمية للشركة على تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يبدو أن “هواوي” تقترب بسرعة من هذه النسبة على الصعيد المحلي، مدفوعةً باستراتيجيات محلية ذكية ومواكبة للتوجهات الوطنية الداعمة للاكتفاء التكنولوجي وتقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية في القطاعات الحساسة.

ويتوقع التقرير أن تشهد حصة “إنفيديا” في السوق الصينية انخفاضًا حادًا بحلول عام 2026، لتصل إلى حوالي 8% فقط، في مقابل ارتفاع كبير لنصيب الشركات المحلية، وعلى رأسها “هواوي”. ويعكس هذا التحول في الحصص السوقية الديناميكيات المتغيرة في صناعة الذكاء الاصطناعي داخل الصين، حيث تتسارع الاستثمارات المحلية، ويزداد دعم الحكومة للابتكار التكنولوجي، ما يمنح الشركات الوطنية مزيدًا من القدرة على المنافسة بقوة ضد اللاعبين الدوليين التقليديين.

من جانبها، تركز “هواوي” على بناء منظومة متكاملة للذكاء الاصطناعي تشمل تصميم وتصنيع الرقائق، إضافة إلى تطوير البرمجيات المتخصصة التي تمكن هذه الشرائح من تقديم أداء متفوق. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها جزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى تعزيز استقلالية الصين في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وتقليل الاعتماد على الموردين الأجانب في القطاعات الاستراتيجية.

وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجهها “هواوي” في المنافسة على مستوى عالمي، إلا أن النمو المتوقع في السوق المحلي يبدو واضحًا، إذ يظهر التقرير أن الشركة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق مكانة قيادية في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي خلال السنوات القليلة المقبلة. ومع استمرار الابتكار وتكثيف الاستثمارات، يبدو أن “هواوي” ستتمكن من تحقيق قفزة نوعية تجعلها لاعبًا لا يُستهان به على خريطة صناعة الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في الصين، بل على مستوى العالم أيضًا.

كما تُظهر البيانات أن شركات مثل AMD وCambricon وMetaX ستعزز مواقعها أيضاً، مع توقعات بأن تأتي AMD في المركز الثاني بنسبة اثني عشر بالمئة، تليها Cambricon في المرتبة الثالثة

تشير البيانات الحديثة إلى أن شركات متخصصة في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي مثل AMD وCambricon وMetaX ستشهد تعزيزاً كبيراً لمواقعها في السوق خلال السنوات القادمة. ومن المتوقع أن تحقق شركة AMD أداءً قوياً يضعها في المركز الثاني بحصة سوقية تبلغ اثني عشر بالمئة، مما يعكس استراتيجياتها المتقدمة في تطوير الرقائق وابتكاراتها المستمرة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. ومن جانب آخر، من المتوقع أن تحتل شركة Cambricon المرتبة الثالثة في السوق، ما يعكس نموها المستدام وقدرتها على التكيف مع الطلب المتزايد على الرقائق المتطورة. أما شركة MetaX، على الرغم من كونها أصغر نسبياً مقارنة بالشركات الأخرى، فإنها ستستفيد من التوجهات العالمية نحو استخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، ما سيسهم في تعزيز حصتها السوقية بشكل ملحوظ. تشير هذه البيانات إلى أن المنافسة في السوق ستصبح أكثر شراسة، مع تزايد التركيز على الابتكار والتوسع في إنتاج الرقائق الحديثة التي تدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة.

طفرة إنتاج محلي

يتوقع التقرير أن الصين ستشهد طفرة كبيرة في إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي المحلية بحيث تتجاوز احتياجاتها الداخلية بحلول عام ألفين وثمانية وعشرين، مدفوعة بزيادة سريعة في قدرات التصنيع والتطوير التكنولوجي. ويشير تقرير صادر عن مؤسسة برنشتاين إلى أن مبيعات الرقائق المحلية في الصين ستنمو بمعدل سنوي مركب يبلغ أربعة وسبعين بالمئة خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يعكس مدى قوة الاستثمار والاهتمام الوطني بهذا القطاع الحيوي. وعلى صعيد العرض والطلب، من المتوقع أن يتجاوز فائض الإنتاج ثلاثة وثلاثين بالمئة في عام ألفين وستة وعشرين ليصل إلى أكثر من مائة بالمئة بحلول عام ألفين وثمانية وعشرين. هذه الزيادة الكبيرة في الإنتاج تعكس قدرة الصين على تحقيق اكتفاء ذاتي في قطاع الرقائق، مع إمكانية تصدير فائض الإنتاج إلى الأسواق العالمية، ما يتيح لها دوراً متنامياً في تعزيز مكانتها كمصدر رئيسي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، تشير التقديرات إلى أن المبيعات المحلية قد تقفز بنسبة تصل إلى ثلاثة وتسعين بالمئة خلال نفس الفترة، ما يوضح وجود طلب قوي على الرقائق داخل السوق الصيني وخارجها.

صعود هائل لرقائق Ascend

تمثل هذه التوقعات دفعة قوية لسلسلة رقائق Ascend التابعة لشركة هواوي، التي أصبحت رمزاً واضحاً لسباق الصين نحو تحقيق الاستقلال التكنولوجي في قطاع أشباه الموصلات. وقد أثبتت سلسلة Ascend قدرتها على المنافسة على المستويين المحلي والدولي، بفضل كفاءتها العالية في معالجة البيانات وتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وإذا تحققت هذه التوقعات، فقد يشهد عام ألفين وستة وعشرين نقطة تحول كبيرة في هيمنة الشركات المحلية على سوق الذكاء الاصطناعي داخل الصين. وستصبح هواوي وشركات أخرى قادرة على تقديم بدائل محلية قوية للمنتجات الأجنبية، مما يعزز من قدرة الصين على التحكم في سلسلة التوريد الخاصة بالرقائق المتطورة ويقلل من اعتمادها على التكنولوجيا الخارجية. ويُتوقع أن يؤدي ذلك إلى خلق بيئة تنافسية أكثر حدة، مع فرص كبيرة للابتكار والتوسع في التطبيقات الصناعية والتجارية للذكاء الاصطناعي داخل الصين وخارجها، ما يجعل قطاع الرقائق أحد المحركات الرئيسية للنمو التكنولوجي في السنوات القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى