تقنية

ذكاء اصطناعي

أثارت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية “ديب سيك” جدلاً كبيراً بعد إطلاقها نموذجها الجديد “آر1” (R1)، الذي يقدم أداءً يعادل نموذج “أو1” (O1) من شركة “أوبن إيه آي” الأميركية، رغم اعتماده على شرائح من إنفيديا أقل تقدماً.

وفي تعليق له على هذا التطور، قال الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب: “دق ناقوس الخطر”. من جهة أخرى، حظي مؤسس “ديب سيك”، ليانغ ونفينغ، بإشادة واسعة واعتُبر بطلًا قوميًّا، وتم دعوته لحضور ندوة ترأسها رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، في وقت تتسارع فيه الصين في مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي المتقدم.

هذا الأمر أثار قلقًا عالميًا من أن الصين قد تتفوق على الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي، رغم القيود التي تمنعها من الوصول إلى الشرائح المتطورة. ما يثير القلق أكثر هو أن “ديب سيك” ليست سوى واحدة من عدة شركات صينية تسعى لتوطين وتطوير الذكاء الاصطناعي، بهدف جعل الصين رائدة في هذا المجال بحلول عام 2030، والتفوق على الولايات المتحدة في السباق التكنولوجي العالمي.

ذكرت صحيفة “غلوبال تايمز” أن الصين بصدد إنشاء صندوق استثمار بقيمة 60 مليار يوان، أي ما يعادل 8.21 مليارات دولار، بهدف تسريع ابتكار الذكاء الاصطناعي. يأتي هذا التحرك بعد أيام من فرض الولايات المتحدة قيودًا جديدة على تصدير الشرائح.

في سياق متصل، استثمرت بكين بشكل كبير في صناعة أشباه الموصلات لتعزيز قدراتها على تصنيع شرائح حاسوب متقدمة، كما تسعى لتجاوز القيود التي تحد من وصولها إلى أبرز الشركات في هذا المجال.

ويُذكر أن “ديب سيك” ليست الشركة الصينية الوحيدة التي حققت تقدمًا في مجال الذكاء الاصطناعي رغم الحظر المفروض عليها، حيث صرح مات شيهان، زميل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وخبير في الذكاء الاصطناعي الصيني، قائلاً: “إذا كانت الحكومة الأميركية تعتقد أن كل ما نحتاجه هو سحق (ديب سيك) لنكون بخير، فيجب أن نكون مستعدين لمزيد من المفاجآت غير السارة”.

في الأسابيع الماضية، تسارعت شركات صينية أخرى لإطلاق أحدث نماذجها من الذكاء الاصطناعي، التي تدعي أنها تضاهي قدرات تلك التي طورتها شركتا “ديب سيك” و”أوبن إيه آي”. وفيما يلي نستعرض أبرز هذه الشركات:

علي بابا كلاود

في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، وهو أول أيام عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، أصدرت شركة “علي بابا كلاود”، التابعة لمجموعة “علي بابا” والمتخصصة في التكنولوجيا، نسخة جديدة من نموذج الذكاء الاصطناعي المتقدم أطلقت عليها اسم “كوين 2.5-ماكس” (Qwen 2.5-Max).

وقد زعمت الشركة أن نموذجها الجديد يتفوق على كل من “ديب سيك” ونموذج “لاما 3.1” (Llama 3.1) من ميتا، عبر 11 معيارًا مختلفًا، وأكدت الشركة أنها تعوّل على النسخة التالية من “كوين 2.5-ماكس” لتحقيق المزيد من النجاح.

وأشار المحللون إلى أن إعلان “علي بابا كلاود” عن نموذجها جاء في وقت كانت فيه الشركات الصينية قد أغلقت أبوابها بمناسبة عطلة رأس السنة الجديدة، مما يعكس الضغوط التي تسببت بها “ديب سيك” على السوق المحلية. من جهته، أشار شيهان إلى أن هذا التوقيت قد يكون محاولة للاستفادة من الزخم الإعلامي الذي أحدثه إطلاق “ديب سيك” لنموذجها.

زيبو (Zhipu)

“زيبو” هي شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي ومقرها في بكين، مدعومة من شركة “علي بابا”، وتعتبر واحدة من أقوى الشركات في هذا المجال في الصين. وقد تصدرت الأخبار في الآونة الأخيرة ليس بفضل إنجازاتها في الذكاء الاصطناعي، بل بسبب إدراجها في قائمة الحظر الأميركية. في 15 يناير 2025، تم إدراج “زيبو” ضمن أبرز الشركات الصينية في قائمة الحظر التجاري الأميركية، وذلك على خلفية مزاعم بأنها ساعدت في التقدم العسكري للصين عبر تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. وقد رفضت “زيبو” هذه الادعاءات، معتبرة القرار غير دقيق.

بعيدًا عن القضايا المتعلقة بالشؤون العسكرية، كانت “زيبو” قد أصدرت في أكتوبر 2024 تطبيق “أوتو جي إل إم” (AutoGLM)، وهو تطبيق ذكي يساعد المستخدمين على التحكم في هواتفهم الذكية باستخدام أوامر صوتية معقدة.

“مونشوت إيه آي” (Moonshot AI)

بتزامن مع إطلاق “ديب سيك” لنموذج “آر1” في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، قامت شركة “مونشوت إيه آي” الصينية بإصدار نموذج لغة كبير، حيث أعلنت أنه قادر على منافسة نموذج “أو1” من “أوبن إيه آي” في مجالات الرياضيات والمنطق.

تُعتبر “مونشوت إيه آي” شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تأسست في 2023، وتحظى بدعم من “علي بابا”، ويُقدّر قيمتها بحوالي 3.3 مليارات دولار.

كان منتجها الأخير “كيمي كي 1.5” (Kimi K1.5) قد نال اهتمامًا لكونه أول مساعد ذكاء اصطناعي قادر على معالجة 200 ألف حرف صيني دفعة واحدة، حيث أعلنت “مونشوت إيه آي” عن ترقية حديثة لنموذجها مما جعله قادرًا على التعامل مع مليوني حرف صيني.

وأضاف شيهان قائلاً: “تُعدّ (مونشوت إيه آي) من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين، ولن يُفاجئني إطلاقًا إذا كانت لديها أو لدى شركة (زيبو) نماذج قادرة على معادلة أو الاقتراب من أداء (ديب سيك) في الأسابيع أو الأشهر القادمة.”

بايت دانس (ByteDance)

أطلقت الشركة الأم لتطبيق “تيك توك”، بايت دانس، إصدارًا جديدًا بمناسبة العام القمري الجديد، حيث كشفت عن النموذج “دوباو 1.5 برو” (Doubao-1.5-Pro) في 29 يناير/كانون الثاني الماضي. وأعلنت الشركة أن هذا النموذج قد يتفوق على النموذج السابق “أو1” في بعض الاختبارات.

وتسعى بايت دانس إلى تحدي الشركات المنافسة من خلال التسعير، حيث بلغ سعر النموذج الأحدث من “دوباو” 9 يوانات (ما يعادل 1.25 دولار) لكل مليون توكن، وهو ما يشكل نصف تكلفة “ديب سيك” وأقل بكثير من تكلفة “أوبن إيه آي” التي تفرض 60 دولارًا لنفس الاستخدام.

تينسنت (Tencent)

تُعرف شركة “تينسنت” بشكل رئيسي في مجال الألعاب بالإضافة إلى تطبيق “وي شات” (WeChat) الشهير للمراسلة في الصين. ورغم تنوع أعمالها، لم تقتصر الشركة على هذا المجال فقط، بل لعبت دورًا مهمًا في مجال الذكاء الاصطناعي أيضًا. فقد قدمت نموذجها الرائد “هونيون” (Hunyuan)، وهو أداة لتحويل النص إلى فيديو، حيث أكدت الشركة أن كفاءته توازي نموذج “لاما 3.1” من ميتا. وتشير بعض التقديرات إلى أن “هونيون” يتطلب فقط عُشر القدرة الحاسوبية التي استخدمتها ميتا لتدريب “لاما”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى