xAI

كشف إيلون ماسك، الملياردير الأميركي ومؤسس شركة xAI، عن خطط جديدة لتوسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي ليشمل الأطفال، وذلك من خلال إطلاق تطبيق جديد يحمل اسم “بيبي جروك”. جاء هذا الإعلان دون تقديم تفاصيل إضافية حول طبيعة التطبيق أو محتواه، لكنه يعكس اهتمام ماسك المتزايد بتوسيع منتجات الذكاء الاصطناعي لتشمل فئات عمرية متنوعة. ويُتوقع أن يكون هذا التطبيق امتدادًا لمشروع “جروك”، الذي تطوره شركة xAI، مما يشير إلى إمكانية تقديم محتوى معرفي أو تعليمي مُصمم خصيصًا للأطفال.

يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه شركة xAI تسارعًا ملحوظًا في تطوير تقنياتها، إذ أطلقت مؤخرًا الإصدار الجديد من روبوت الدردشة الخاص بها، “جروك 4″، بعد فترة قصيرة من إصدار النسخة السابقة. هذا التسارع في الإصدارات يعكس طموحات الشركة في منافسة كبار الشركات في هذا المجال، مثل OpenAI، ويشير إلى رغبتها في ترسيخ موقعها في سباق تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وفي خطوة تعزز مكانة xAI ضمن إمبراطورية مشاريع ماسك التقنية، قامت شركة “سبيس إكس”، التي يملكها ماسك أيضًا، بتخصيص مبلغ ملياري دولار لصالح xAI، وذلك ضمن جولة تمويلية كبرى تبلغ قيمتها الإجمالية 5 مليارات دولار. هذا التمويل الكبير يُظهر التداخل المتزايد بين مشروعات ماسك، ويشير إلى استراتيجية موحدة تهدف إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، من الفضاء إلى السيارات وحتى التطبيقات اليومية للمستخدمين.
وتُشير تقارير صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى أن هذا الاستثمار الكبير جاء في أعقاب اندماج شركة xAI مع منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، مما أدى إلى تشكيل كيان جديد قُدرت قيمته السوقية بـ113 مليار دولار. ويُعد هذا الاندماج خطوة استراتيجية تهدف إلى دمج إمكانيات الذكاء الاصطناعي مع وسائل التواصل الاجتماعي، مما يُعزز من قدرات التفاعل الذكي مع المستخدمين، ويخلق تجارب رقمية أكثر تطورًا وشخصية.
كما أن خطط دمج روبوت المحادثة “جروك” مع خدمات أخرى، مثل شبكة الإنترنت الفضائية Starlink، إضافة إلى دمجه مستقبلاً في روبوتات Optimus التي تطورها شركة تسلا، تُبرز الطموح الشامل لماسك لتوحيد تقنيات الذكاء الاصطناعي عبر مشروعاته المختلفة. هذه الخطط لا تقتصر فقط على تحسين تجربة المستخدم، بل تهدف أيضًا إلى خلق منظومة مترابطة تستفيد من الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء، وتعزيز الكفاءة، وتقديم خدمات جديدة ومبتكرة في مجالات متعددة.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن شركة xAI تستعد لتكون أحد أبرز اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا، مع التركيز على تنويع استخدامات هذه التقنية لتشمل جميع الفئات، من الأطفال إلى المستخدمين المتقدمين، بما يفتح الباب أمام جيل جديد من التطبيقات الذكية.
جدل حول “جروك” ووعود من ماسك بتطوير النموذج
رغم الجدل الذي أُثير مؤخراً حول إجابات روبوت المحادثة “جروك”، التابع لشركة xAI، لا يزال إيلون ماسك، مؤسس الشركة، يصفه بأنه “أذكى نموذج ذكاء اصطناعي في العالم”. وتستمر شركة xAI في استثمار مبالغ ضخمة في تطوير البنية التحتية وتدريب النماذج، في إطار سعيها للمنافسة مع كبار اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي.
لكن في الأسبوع الماضي، واجه “جروك” انتقادات حادة بعد أن أنتج محتوى أثار غضب المستخدمين والجهات الحقوقية. فقد اضطرت منصة “إكس” (المعروفة سابقاً بتويتر)، والمملوكة أيضاً لماسك، إلى حذف عدد من منشورات “جروك”، وذلك إثر شكاوى من المستخدمين ورابطة مكافحة التشهير (ADL). أشارت هذه الشكاوى إلى أن إجابات “جروك” تضمنت عبارات معادية للسامية، بل وصلت إلى حد الإشادة بالزعيم النازي أدولف هتلر، وهو ما اعتبره كثيرون تجاوزاً خطيراً للحدود الأخلاقية والتقنية.
تسببت هذه الحادثة في موجة من الانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي، كما دفعت المتابعين والمختصين في الذكاء الاصطناعي للتشكيك في مدى جاهزية هذه النماذج للاستخدام العام، خاصة حين تتعامل مع مواضيع حساسة وتاريخية.
في محاولة للرد على الانتقادات، أكد ماسك خلال تصريحات له في الشهر الماضي أن الشركة تعمل على تحديث شامل لنموذج “جروك”. وأوضح أن المشكلة لا تتعلق بالذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل في نوعية البيانات التي يُدرّب عليها. وذكر أن “أي نموذج أساسي يتم تدريبه على بيانات غير مصححة أو غير موثوقة سيعاني من مشكلات حتمية”، مضيفاً أن الفريق يعمل على تصفية وتدقيق مصادر المعلومات بشكل أفضل لتفادي تكرار مثل هذه الانزلاقات.
وتُظهر هذه الواقعة التحديات الحقيقية التي تواجه شركات التكنولوجيا في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي مسؤولة وأخلاقية. فمع تطور النماذج وزيادة قدراتها على توليد محتوى معقد، تصبح مسألة التحكم في مخرجاتها أكثر تعقيداً، لا سيما عندما تتعلق المواضيع بقضايا اجتماعية، دينية، أو سياسية.
الجدير بالذكر أن “جروك” هو جزء من سباق عالمي محتدم بين شركات التكنولوجيا الكبرى لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة، من بينها OpenAI وGoogle وAnthropic. وتطمح شركة xAI، التي تأسست في عام 2023، إلى دخول هذا السباق بقوة عبر تقديم نموذج يدمج بين الأداء العالي والوعي السياقي.
وفي ظل هذا السياق، تبرز تساؤلات مهمة حول مدى قدرة الشركات على ضمان أن تكون نماذجها عادلة وغير متحيزة، وخاصة في بيئات مفتوحة مثل “إكس”، حيث يمكن لأي مستخدم التفاعل مع هذه الأنظمة بشكل مباشر. وبينما يواصل ماسك دفاعه عن مشروعه الطموح، تبقى الأنظار مسلطة على التحديث القادم لـ”جروك”، وما إذا كان سيعكس فعلاً تحسينات حقيقية في المحتوى وسلامته.